أو لأن سالكها لا ينام خوف الهلكة. وعن قتادة: فإذا هم في جهنم:
[(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى • إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى • اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى • فَقُلْ هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى • وأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى • فَأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى • فَكَذَّبَ وعَصَى • ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى • فَحَشَرَ فَنَادَى • فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخِرَةِ والأُولَى • إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى) ١٥ - ٢٦]
(اذْهَبْ) على إرادة القول. وفي قراءة عبد الله: (أن اذهب)؛ لأن في النداء معنى القول: هل لك في كذا، وهل لك إلى كذا؛ كما تقول: هل ترغب فيه، وهل ترغب إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطعتها متلثماً: مشدداً للثام من خوف هبوب السموم والحر القاتل. وقيل: متلثماً: واطئاً الأرض بخف البعير.
قوله: (هل لك في كذا، وهل لك إلى كذا؟ )، قال ابن جني: "متى كان فعل من الأفعال في معنى فعل آخر، فكثيراً ما يجرى أحدهما مجرى صاحبه، فيعدل في الاستعمال إليه، ويحتذى به في تصرفه حذو صاحبه، وإن كان طريق الاستعمال والعرف ضد مأخذه، ألا ترى إلى قول الله تعالى: ﴿هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى﴾ وأنت إنما تقول: هل لك في كذا؟ لكنه لما دخله معنى: أجذبك إلى كذا، أو أدعوك إليه، قال: ﴿هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى﴾، وعليه قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧]، في معنى الإفضاء إلى نسائكم؛ لا يقال: رفثت إلى المرأة، وإنما: رفثت بها، ومعها، لكنه لما كان الرفث بمعنى الإفضاء عُدي بـ "إلى"، وهذا من أسد مذاهب العربية؛ لأنه موضع يملك فيه المعنى عنان الكلام فيأخذه إليه".
وقلت: الظاهر أن هذا ليس من باب التضمين، بل من باب المجاز والقرينة الجادة. وقال صاحب "الكشف": هل لك في كذا؟ محمول على: أدعوك، فكأنه قال أدعوك إلى التزكي فهل ترغب فيه؟ وقال الواحدي: المبتدأ محذوف، أي: هل لك إلى أن تزكى