يعني أنك طمعت في أن يتزكى بالإسلام، أو يتذكر فتقربه الذكرى إلى قبول الحق؛ وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن. وقرئ: (فتنفعه) بالرفع عطفاً على (يَذَّكَّرُ)، وبالنصب جواباً لـ «لعل»، كقوله: (فَأَطَّلِعَ إلَى إلَهِ مُوسَى) [غافر: ٣٧]، (تَصَدَّى) تتعرض بالإقبال عليه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك قال: "طمعت في أن يتزكى"، وإن ما طمعت فيه كائن، وعلى الأول راجع إلى الله تعالى، إما مجازاً على سبيل الرمز للقطع؛ لأن ﴿لَعَلَّ﴾ من مثل كلام الجبابرة قطع في حصول المطموع فيه، أو تمثيلاً وأنه تعالى يعامل معاملة من يطمع ويرجو، وإلى الأخير الإشارة: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾، أي: يتطهر بما يتلقن من الشرائع من بعض أو ضار الإثم، وإدخال لفظ "بعض" في الموضعين، للهضم من حقه، والإيذان بأن المطلوب التطهر أو الطاعة وإن حصل البعض منهما، والتفادي عن فواتهما وإن كان عن البعض، والله أعلم.
قوله: (وقُرئ: "فتنفعه" بالرفع)، عاصم: بالنصب، والباقون: برفعها.
قوله: (﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾)، قال صاحب "المفتاح": "وسبب توليد ﴿لَعَلَّ﴾ معنى التمني في قولهم: لعلي سأحُج فأزورك بالنصب، هو بعد المرجو عن الحصول". وهذه القراءة تقوي مذهب من قال: إن الضمير في ﴿لَعَلَّهُ﴾ للكافر؛ لأن المعنى: ما يُدريك أن ما طمعت فيه وتمنيت من إسلام القوم كائن؟ لأنه مما لا يمكن حصوله، وليس ذلك إلا طمع فارغ، وينصره التفصيل بعده، وهو ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾، ﴿وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى﴾؛ لأنه يقتضي أن يكون للكافر أيضاً ذكر في المجمل.
قوله: (﴿تَصَدَّى﴾: تتعرض بالإقبال)، في "المطلع": أي: تقبل عليه بوجهك وتميل إليه.


الصفحة التالية
Icon