(مَا أَمَرَه) الله حتى يخرج عن جميع أوامره، يعني: أن إنساناً لم يخل من تقصير قط.
[(فَلْيَنظُرِ الإنسَانُ إلَى طَعَامِهِ • أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًا • ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًا • فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًا • وعِنَبًا وقَضْبًا • وزَيْتُونًا ونَخْلاً • وحَدَائِقَ غُلْبًا • وفَاكِهَةً وأَبًا • مَتَاعًا لَّكُمْ ولأَنْعَامِكُمْ) ٢٤ - ٣٢].
ولما عدد النعم في نفسه، أتبعه ذكر النعم فيما يحتاج إليه، فقال: (فَلْيَنظُرِ الإنسَانُ إلَى طَعَامِهِ) إلى مطعمه الذي يعيش به كيف دبرنا أمره، (أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ) يعني الغيث. قرئ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من الطعام. وقرأ الحسين بن علي رضي الله عنهما: (أنى صببنا) بالإمالة على معنى: فلينظر الإنسان كيف صببنا الماء. و (ثُمَّ شَقَقْنَا): من شق الأرض بالنبات ويجوز أن يكون من شقها بالكراب على البقر؛ وأسند الشك إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في "صحيح البخاري" عن مجاهد: "لا يقضي أحد ما أُمر به"، أي: لم يقض أحد جميع ما كان مفروضاً؛ لأن الإنسان لا ينفك عن التقصير.
قوله: (﴿مَا أَمَرَهُ﴾ الله)، قال صاحب "الكشف": "الأصل: ما أمره الله فحذف الباء ثم حذف الهاء الأولى، فصار: ما أمره، فالهاء الباقية للموصولة، والمحذوفة للإنسان".
قوله: (قُرئ بالكسر على الاستئناف)، الكوفيون: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا﴾ بفتح الهمزة، والباقون: بكسرها.
قوله: (وأسند الشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب)، الانتصاف: ما رأيت كاليوم عبداً ينازع ربه بقوله: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا﴾ حقيقة، يجعله مجازاًّ ويضيفها إلى الحراث حقيقة.