..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام ما معناه: "كما أنه سبحانه وتعالى أجرى على جبريل هذه الصفات هاهنا، أجرى على نبينا صلوات الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥ - ٤٦]، فإفراد أحد الشخصين بالذكر وإجراء صفاته عليه، لا يدل على انتفاء تلك الصفات عن الآخر".
وقال القاضي: "استدلاله ضعيف، إذ المقصود من ذلك رد قولهم: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبأ: ٨]، لا تعداد فضلهما والموازنة بينهما".
وقلت: سيقت الآيات لبيان شأن الكتاب، حيث جعل ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ مقسماً عليه بالأقسام السابقة فذُكر محمد صلوات الله عليه، وجبريل عليه السلام تابع لذكره، ونحوه قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحاقة: ٣٨ - ٤٣]؛ لأنهم كانوا يقولون تارة: إنه مجنون، وأخرى: إنه كاهن، وشاعر، فرد الله عليهم بهذه الآيات، يعني: أنه صلوات الله عليه يتلقى هذا القرآن من لدُن حكيم عليم، بواسطة ملك مقرب، ومن صفاته أنه كيت وكيت، لا من جني متمرد رجيم كما يفترونه، ولذا فالموازنة إذن بين الجني والملك، لا بين محمد صلوات الله عليه والملك.
وأما تسميته مجنوناً في قوله: ﴿وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ﴾، فعلى المشاكلة وإطباق الجواب على ما سُمع منهم، ويؤيده قول الزجاج: ﴿وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ﴾ جواب القسم، أي: أقسم بهذه الأشياء أن القرآن نزل به جبريل وأن صاحبكم ليس بمجنون؛ لأنهم قالوا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦]. تم كلامه.