وقيل: لما كذبوه بعد طول تكرير الدعوة، حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، وروي سبعين، فوعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله تعالى الخصب ودفع عنهم ما كانوا فيه. وعن عمر رضي الله عنه، أنه خرج يستسقى، فما زاد على الاستغفار، فقيل له: ما رأيناك استسقيت! فقال: لقد استسقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر؛ شبه الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطئ. وعن الحسن، أن رجلا شكا إليه الجدب فقال: استغفر الله؛ وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بمجاديح السماء)، المجاديح: واحدها مجدح، والياء زائدة للإشباع. والقياس أن يكون واحدها مجداحاً، وأما مجدح فجمعه المجاديح. والمِجْدح نَجم من النجوم، وقيل: هو الدَّبران. وقيل: هو ثلاثة كواكب كالأثافي، تشبيهاً بالمجدح الذي له ثلاث شُعب. وهو عند العرب من الأنواء الدالة على المطر، فجعل الاستغفار مُشبهاً بالأنواء مُخاطبة بما يعرفونه، لا قولاً بالأنواء.
وجاء بلفظ الجمع لإرادة الأنواء جميعها، التي يزعمون أن من شأنها المطر. وعن بعضهم: وقد أجرى الله تعالى إنزال المطر عند طلوع ذلك، ثم رأوا المطر منه لا من الله. وقيل: المِجدح كوكب كان يكثر المطر عند طلوعه، أكثر ما يكون عند طلوع سائر الكواكب.