والتعلق في إبطاله بخط المصحف، وأنّ الألف التي تكتب بعد واو الجمع غير ثابتة فيه: ركيكٌ؛ لأنّ خط المصحف لم يراع في كثيرٍ منه حدّ المصطلح عليه في علم الخط، على أنى رأيت في الكتب المخطوطة بأيدي الأئمة المتقنين هذه الألف مرفوضةً لكونها غير ثابتةٍ في اللفظ والمعنى جميعاً؛ لأن الواو وحدها معطيةٌ معنى الجمع، وإنما كتبت هذه الألف تفرقةً بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك: هم لم يدعوا، وهو يدعو؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الانتصاف" أن غرض المصنف أن الإتيان بالضمير حينئذ لدفع الإسناد المجازي، وإسناد الفعل إلى غير المباشر. لكن الجواب: أن ليس بواجب حينئذ أن يجعل التركيب من باب التقديم ليفيد التخصيص، لاحتمال أن يكون من باب تقوى الحكم، والتقدير أنهم إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا أعطوهم أخسروا البتة، فأفاد أن اهتمامهم بالإخسار بالدفع أتم من اهتمامهم في الاستيفاء عند الأخذ؛ لأن به يظهر أثر الربح، وعليه قوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [النور: ٣٧]، حيث خص البيع دون الشراء على أحد الوجوه. ثم يقال: إن معنى التخصيص من قوله: ﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ [الانفطار: ١٦] في السورة السابقة قطعي، لإيلاء حرف النفي الفاعل المعنوي، ولما كان مُخالفاً لمذهبه ذهب إلى أنه مثل ﴿وَمَا هُم بِخَارِجِينَ﴾، في قوة أمرهم فيما أُسند إليهم، لا في الاختصاص، وهاهنا احتمل الأمرين، فقام مقام قرينة إرادة تقوى الحكم، فينبغي أن يرجح جانبها.
قوله: (والتعلق في إبطاله) وهو مبتدأ، وقوله: "ركيك" خبره، أي: التعلق في إبطال كون الضمير منصوباً عائداً إلى الناس بخط المصحف ركيك، والجملة عطف من حيث المعنى على جملة قوله: "لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد"، إلى آخره، عنى به قول الزجاج حيث قال: "الاختيار أن يكون ﴿هُم﴾ في موضع نصب، بمعنى: كالوا لهم، ولو كانت على معنى كالوا، ثم جاءت ﴿هُم﴾ تأكيداً، لكان في المصحف الألف مُثبتة".


الصفحة التالية
Icon