فقد غفرت له؛ وإنها لتصعد بعمل العبد فيزكونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم: أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين».
[(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ * وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) ٢٢ - ٢٨].
(الْأَرائِكِ) الأسرة في الحجال، (يَنْظُرُونَ) إلى ما شاءوا مدّ أعينهم إليه من مناظر الجنة، وإلى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة، وإلى أعدائهم يعذبون في النار، وما تحجب الحجال أبصارهم عن الإدراك، (نَضْرَةَ النَّعِيمِ) بهجة التنعم وماءه ورونقه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الأسرة في الحجال)، الجوهري: "الحجلة، بالتحريك: واحد حجال العروس، وهو بيت يُزين بالثياب والأسرة والستور". وعن بعضهم: لا يقال: أريكة إلا للسرير الذي يكون في الكِلَّة، أو شيء يكون في الكلة، والكلة: الستر الرقيق.
قوله: (وما تحجب الحجال أبصارهم)، يُنظر إلى معنى ما سبق في من يضادهم: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾، فيقال: إذا لم يمنع الحجال أبصارهم عما يستبعد في المشاهد بل يستحيل، وهو أن ينظروا إلى جميع ما أولاهم الله من النعمة والكرامةة من مسافة في غاية البعد مع مانع الحجاب، وإلى أعدائهم يُعذبون في النار، فأي بُعد في أن ينظروا إلى ما هو المقصد الأسنى؟
روينا عن الإمام أحمد بن حنبل والترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله؟ قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسُرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غُدوة وعَشية"، ثم قرأ؟ :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣].