(حَافِظِينَ) موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم، ويهيمنون على أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم؛ وهذا تهكم بهم. أو هو من جملة قول الكفار، وإنهم إذا رأوا المسلمين قالوا: إن هؤلاء لضالون؛ وإنهم لم يرسلوا عليهم حافظين إنكاراً لصدّهم إياهم عن الشرك، ودعائهم إلى الإسلام وجدهم في ذلك.
[(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ • عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ • هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ٣٤ - ٣٦]
(عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ) حال من (يَضْحَكُونَ) أي: يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزة والكبر، ومن ألوان العذاب بعد النعيم والترفه وهم على الأرائك آمنون. وقيل: يفتح للكفار باب إلى الجنة فيقال لهم: اخرجوا إليها؛ فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم، يفعل ذلك بهم مرارا، فيضحك المؤمنون منهم. (ثوبه) و (أثابه) بمعنى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النعمة والكرامة الأبدية، وينظرون إلى أعدائهم يُعذبون في النار، وإلى ما أورثهم الله التُّرفة والتنعم بتلك النعم من العقاب السرمدية، ويقال للمؤمنين: هل جازينا هؤلاء الكفار على عملهم، لا سيما على ما كانوا يضحكون منكم ويستهزئون بطريقتكم، كما جازيناكم على أعمالكم الصالحة مزيداً لسرورهم وتبجحهم، وتشويراً لأعدائهم وتشميتاً بهم؟
قوله: ("ثوبه" و "أثابه" بمعنى)، عن المبرد: ثوب: فعل، من الثواب، أي: رجع إلى فاعله جزاء ما عمله من خير أو شر. والثواب قد يستعمل في المكافأة مطلقاً. قال الإمام: والأولى أن يُحمل على التهكم.


الصفحة التالية
Icon