كما يناقش أصحاب الشمال. وعن عائشة رضي الله عنها: هو أن يعرف ذنوبه، ثم يتجاوز عنه. وعن النبي ﷺ أنه قال: «من يحاسب يعذب، فقيل يا رسول الله: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا). قال ذلكم العرض، من نوقش في الحساب عذب». (إلَى أَهْلِهِ) إلى عشيرته إن كانوا مؤمنين، أو إلى فريق المؤمنين، أو إلى أهله في الجنة من الحور العين (ورَاءَ ظَهْرِهِ) قيل: تغل يمناه إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. وقيل تخلع يده اليسرى من وراء ظهره، (يَدْعُو ثُبُورًا) يقول: يا ثبوراه. والثبور: الهلاك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ﴾ [البقرة: ٣٨] إلى آخره. وعلى الأول الضمير: لله عز وجل، أي: إنك عامل باجتهاد إلى وقت الموت فملاق ربك. قال الإمام: "وفي الآية نكتة لطيفة، وهي أنها تدل على وجوب الكدح والتعب للمؤمن بانتهاء هذه الحياة الدنيوية، ويحصل بعد ذلك محض سعادة الأبدية".
وقلت: ومن ثم قالوا: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [فاطر: ٣٤ - ٣٥].
قوله: (من يحاسب يُعذب)، الحديث من رواية الشيخين والترمذي وأبي داود، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي؟ قال: "ليس أحد يُحاسب إلا هلك"، قلت: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، أليس الله يقول: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟ قال: "ذلك العرض يعرضون، ومن نُوقش الحساب هلك".
النهاية: "نوقش، أي: من استقصى في محاسبته وحوقق. وأصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه، وقد نقشها وانتقشها".