ومنه قوله عز وعلا: (طَبَقًا عَن طَبَقٍ) أي حالاً بعد حال: كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول، ويجوز أن يكون جمع طبقة وهي المرتبة، من قولهم: هو على طبقات، ومنه: طبق الظهر لفقاره. الواحدة: طبقة، على معنى: لتركبن أحوالاً بعد أحوال، هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض، وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها.
فإن قلت: ما محل عن طبق؟
قلت: النصب على أنه صفة لـ (طبقاً)، أي: طبقاً مجاوزاً لطبق، أو حال من الضمير في لتركبن، أي: لتركبن طبقاً مجاوزين لطبق. أو مجاوزاً. أو مجاوزة، على حسب القراءة. وعن مكحول: كل عشرين عاماً تجدون أمراً لم تكونوا عليه.
[(فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ • وإذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ • بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ • واللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ • فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ • إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ٢٠ - ٢٥]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهي الموت وما بعده)، هذا هو الذي يقتضيه النظم وترتب الفاء في ﴿فَلَا أُقْسِمُ﴾ على قوله: ﴿بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا﴾ [الانشقاق: ١٥].
قوله: (على حسب القراءة)، يعني في ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ من الضم والفتح والكسر، فقوله: ﴿مُجاوزين﴾ على قراءة الضم، والخطاب للجنس، وقوله: "مُجازاً" على قراءة الباء بالفتح؛ على أن الخطاب للرسول؟، و (ليركبن) بالياء كذلك، وقوله: (مُجاوزة) بكسر الواو، على أن (لتركبن) بكسر الباء، والخطاب للنفس.
قوله: (تجدون أمراً لم تكونوا عليه)، يجدون: بفتح الياء وكسر الجيم والدال مخففة، ويروى: "تجدون"، بضم التاء الفوقانية وكسر الجيم والدال مُشددة، من: أجده، أي: جعله جديداً. الجوهري: "تجدد الشيء صار جديداً، وأجده وجدده واستجده: صيره جديداً".


الصفحة التالية
Icon