والمعنى: أنبتكم فنبتم نباتاً. أو نصب بأنبتكم لتضمنه معنى نبتم (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا) مقبورين، ثم «يخرجكم» يوم القيامة، وأكده بالمصدر كأنه قال: يخرجكم حقاً ولا محالة، جعلها بساطاً مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه (فِجَاجًا) واسعة منفجة.
[(قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي واتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ ووَلَدُهُ إلاَّ خَسَارًا • ومَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا • وقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ولا تَذَرُنَّ ودًا ولا سُوَاعًا ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرًا • وقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ولا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إلاَّ ضَلالاً) ٢١ - ٢٤]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فنبتُّم نباتاً)، في الزجاج: "معنى أَنْبتَكم: تَنبتون. والمصدر على اللفظ: أنبتكم إنباتاً، ونباتاً أبلغ في المعنى"، لما يُشعر بأن الله أراد نباتكم فنبتم.
الانتصاف: "هذا من بديع القرآن، لا ترى العُدول من لفظ إلى آخر إلا لمعنى، والنحوي يقول: أُجري المصدر على غير فعله، وصاحب المعاني يقول: له فائدة في التحقيق وراء هذا، وهو التنبيه على تحتم القدرة وسرعة نفاذ حُكمها، حتى كان إنبات الله تعالى نفس النبات، فقرن أحدهما بالآخر". وقال القاضي: "تقديره: أنبتكم إنباتاً فنبتم نباتاً، فاختصر اكتفاء بالدلالة الإلزامة".
وقلت: نحو هذه الدلالة ما في قوله تعالى: ﴿أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ﴾ [الأعراف: ١٦٠]، أي: فَضَربَ فانبجست؛ قال: "فجعل الانبجاس مسبباً عن الإيحاء