فإن قلت: ما يشبه قوله: (ومَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ • النَّجْمُ الثَّاقِبُ) إلا ترجمة كلمة بأخرى، فبين لي أي فائدة تحته؟
قلت: أراد الله عز من قائل: أن يقسم بالنجم الثاقب تعظيماً له، لما عرف فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة، وأن ينبه على ذلك فجاء بما هو صفة مشتركة بينه وبين غيره، وهو الطارق، ثم قال: (ومَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ)، ثم فسره بقوله: (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) كل هذا إظهار لفخامة شأنه، كما قال: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ • وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) [الواقعة: ٧٥ - ٧٦] روي: أن أبا طالب كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانحط نجم، فامتلأ ماء ثم نوراً، فجزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا؟ فقال عليه السلام: «هذا نجم رمى به، وهو آية من آيات الله»، فعجب أبو طالب، فنزلت.
[(إن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) ٤]
فإن قلت: ما جواب القسم؟
قلت: (إن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)؛ لأن (إن) لا تخلو فيمن قرأ: (لَّمَّا) مشددة، بمعنى: إلا أن تكون نافية. وفيمن قرأها مخففة_على أن (ما) صلة_تكون مخففة من الثقيلة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضرب. وسمي الماء الكدر طرقاً لطرقه الدواب بالرِّجل، والطارق السالك للطريق، لكن في المتعارف خُص بالآتي ليلاً، وعُبر عن النجم بالطارق لاختصاص ظهوره بالليل، وعن الحوادث التي تأتي بالليل بالطوارق".
قوله: (فانحط نجم)، الأساس: "ناقة حطوط: سريعة السير، وحطت في سيرها وانحطت".
قوله: (لا تخلو فيمن قرأ: ﴿لَّمَّا﴾ مشددة)، قرأ عاصم وابن عامر وحمزة: مشددة، والباقون: مخففة؛ فإن قُرئ "لمَّا" مشددة، يكون "إنْ" في قوله ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ﴾ نافية على تقدير: ما كل نفس