وعن الضحاك: وذكر اسم ربه في طريق المصلى فصلى صلاة العيد (بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) فلا تفعلون ما تفلحون به. وقرئ: (يؤثرون) على الغيبة. ويعضد الأولى قراءة ابن مسعود: بل أنتم تؤثرون. (خَيْرٌ وأَبْقَى) أفضل في نفسها وأنعم وأدوم. وعن عمر رضي الله عنه: ما الدنيا في الآخرة إلا كنفجة أرنب.
[(إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى • صُحُفِ إبْرَاهِيمَ ومُوسَى) ١٨ - ١٩]
(هَذَا) إشارة إلى قوله: (قَدْ أَفْلَحَ) إلى (وأَبْقَى) يعني أن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف. وقيل: إلى ما في السورة كلها. وروي: عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم أنزل الله من كتاب؟ فقال: مائة وأربعة كتب، منها على آدم: عشر صحف، وعلى شيث: خمسون صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس: ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم: عشر صحائف والتوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان. وقيل: إن في صحف إبراهيم ينبغي للعاقل أن يكون حافظاً للسانه، عارفاً بزمانه، مقبلاً على شأنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ("يؤثرون" على الغيبة)، أبو عمرو: بالياء التحتانية، والباقون: بالتاء. وعلى الغيبة الضمير لأهل مكة، أُمر رسول الله؟ بالتذكير نفع أم لم ينفع، ثم أضرب عنه بقوله: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾، ولذلك لا ينجع فيهم الترغيب والترهيب.
وعلى الخطاب عام لكل أحد، والمضروب عنه ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾، أي: أنتم، يا بني آدم، تؤثرون الحياة الدنيا، لأنه من جبلتكم كما قال: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (وَتَذَرُونَ الْأخِرَةَ﴾ [القيامة: ٢٠ - ٢١]، فلا تفعلون ما تفلحون به.
قوله: (إلا كنفجة أرنب)، النهاية: "وفي الحديث: "ما الأُولى عند الآخرة إلا كنَفْجة أرنب"، أي: كوثبته من مجثمه، يريد تقليل مدتها".