فإن قلت: فهلا عرفت بلام العهد، لأنها ليال معلومة معهودة؟
قلت: لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير؛ ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة، ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية. وبالشفع والوتر: إما الأشياء كلها شفعها ووترها، وإما شفع هذه الليالي ووترها. ويجوز أن يكون شفعها يوم النحر، ووترها يوم عرفة، لأنه تاسع أيامها وذاك عاشرها، وقد روي عن النبي ﷺ أنه فسرهما بذلك........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة)، يعني: لو عرفت الليالي احتجت لما يراد من اختصاصها بالفضيلة إلى مزيد انضمام قرينة خارجية بخلاف التنكير؛ فإن دلالته على الفضيلة بنفسه؛ لأنه موضوع له مستقل به؛ ولأنها لو عُرفت لم تتميز عن المذكورات فيما قصد منها وانخرطت في سلكها، ولو خصصت منها بشيء من غير تغيير، لدخل في حد اللغز، وهو المراد من قوله: "الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية".
قوله: (وبالشفع)، معطوف على قوله: (بالليالي العشر).
قوله: (أنه فسرهما بذلك)، روينا عن الإمام أحمد بن حنبل، عن النبي؟، قال: "إن العشر هي عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر". وروى الإمام أحمد والترمذي، عن عمران بن حصين، أن رسول الله؟ سُئل عن الشفع والوتر، قال: "الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر".
وقلت: هذا هو التفسير الذي لا محيد عنه، وجملة القول ما قاله القاضي: "فلعله تعالى أفردهما بالذكر من أنواع المدلول، لما رآهما أظهر مدخلاً في الدين، أو مناسبة لما قبلهما، أو أكثر منفعة موجبة للشكر، أو أبين دلالة على التوحيد".