وإنما أعطاه الله على وجه التفضل من غير استيجاب منه له ولا سابقة مما لا يعتدّ الله إلا به، وهو التقوى دون الأنساب والأحساب التي كانوا يفتخرون بها ويرون استحقاق الكرامة من أجلها. والثاني: أن ينساق الإنكار والذّمّ إلى قوله: (رَبِّي أَهانَنِ)، يعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله وإكرامه، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله (فَأَكْرَمَهُ). وقرئ: (فقدر) بالتخفيف والتشديد. وأكرمن، وأهانن: بسكون النون في الوقف، فيمن ترك الياء في الدرج مكتفيا منها بالكسرة.
[(كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَاكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) ١٧ - ٢٠]
(كَلَّا) ردع للإنسان عن قوله. ثم قال: بل هناك شرّ من القول «٣». وهو: أنّ الله يكرمهم بكثرة المال، فلا يؤدّون ما يلزمهم فيه من إكرام اليتيم بالتفقد والمبرّة، وحض أهله على طعام المسكين ويأكلونه أكل الأنعام، ويحبونه فيشحون به وقرئ: يكرمون، وما بعده بالياء والتاء.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله: ﴿فَأَكْرَمَهُ﴾)، يعني: أن الله تعالى أثبت له الإكرام؛ فقوله ﴿أَكْرَمَنِ﴾ تقرير لذلك، فلا يكون منكراً ولم تثبت له الإهانة، ولم يقل: فأهانه؛ فيكون قوله: ﴿رَبِّي أَهَانَنِ﴾ منكراً.
قوله: (وقرئ: ﴿فَقَدَرَ﴾، بالتخفيف والتشديد)، ابن عامر: بالتشديد، والباقون: بالتخفيف.
قوله: ("يُكرمون" وما بعده بالياء والتاء)، أبو عمرو: بالياء التحتانية فيها، والباقون: بالتاء.


الصفحة التالية
Icon