وقرأ أبو الزبير: (تتلظى).
فإن قلت: كيف قال: (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) وقد علم أن كل شقيّ يصلاها، وكل تقيّ يجنبها، لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء، وإن زعمت أنه نكر النار فأراد نارًا بعينها مخصوصة بالأشقى، فما تصنع بقوله: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة، لا الأتقى منهم خاصة؟
قلت: الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيٍم من المشركين وعظيٍم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين فقيل: الأشقى، وجعل مختصًا بالصلى، كأن النار لم تخلق إلا له. وقيل: الأتقى، وجعل مختصا بالنجاة، كأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل: هما أبو جهل أو أمية بن خلف، وأبو بكر رضي الله عنه. (يَتَزَكَّى) من الزكاء، أي: يطلب أن يكون عند الله زاكيًا، لا يريد به رياًء ولا سمعة. أو يتفعل من الزكاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين)، يعني أبا بكر رضي الله عنه، وأُمية بن خلف قبحه الله كما سبق.
الانتصاف: "بُني على مفهوم الآية لورود صيغة التخصيص، وحاصل جوابه أن التخصيص له فائدة سوى النفي عما عدا المخصص وهي المقابلة، وهذا يلاحظ ما لحظه الشافعي في قوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ١٤٥] الآية فإنه لم يقل بمفهوم حصرها، بل جعل فائدة المقابلة الرد لأحكام الجاهلية لا نفي ما عدا المحصور، والزمخشري


الصفحة التالية
Icon