وقرئ: «جدا ربنا» على التمييز، «جدا ربنا»، بالكسر، أي: صدق ربوبيته وحق إلاهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد، وذلك أنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان، تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولداً، فاستعظموه ونزهوه عنه. سفيههم: إبليس لعنه الله أو غيره من مردة الجن. والشطط: مجاوزة الحد في الظلم وغيره. ومنه: أشط في السوم إذا أبعد فيه، أي: يقول قولا هو في نفسه شطط؛ لفرط ما أشط فيه، وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله، وكان في ظننا أن أحداً من الثقلين لن يكذب على الله ولن يفترى عليه ما ليس بحق،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقُرئ: جدّاً ربنا، على التمييز)، قال ابن جني: "قرأها عكرمة، أي: تعالى ربنا جداً، ثم قدم المميز، نحو قولك: حسن وجهاً زيد".
قوله: ("وجِدُّ رَبِّنا" بالكسر، أي: صدق ربوبيته)، ونحوه: جد العالم، أي: ليس فيه هزل، يعني أن علمه غير مشوب بشيء من الجهل، لقوله عليه السلام: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، جواباً على قولهم: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾؟ [البقرة: ٦٧]. فمعنى قوله: ﴿جَدُّ رَبِّنَا﴾ في هذا المقام، معنى قوله: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا﴾ [الأنبياء: ١٧]، إذا فُسِّرَ ﴿لَهْوًا﴾ بـ ﴿وَلَدًا﴾، ولهذا قال: "وحَقُّ إلهيته عن اتُخاذ الصاحبة والولد".
قوله: (أشط في السَّوم إذا أبعد فيه)، الجوهري: "يُقال: سامت الماشية تَسوم سوماً، إذا رَعَت، فهي سائمة".
قوله: (أي: يقول قولاً هو في نفسه شطط)، أي: "شططاً" صفة لمصدر محذوف. قال القاضي: "أي: قولاً ذا شطط، أو: هو شَطَطٌ لِفَرط ما أشَطّ فيه".


الصفحة التالية
Icon