أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما بأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى) ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك. وهذا وعيد.
فإن قلت: ما متعلق أرأيت؟
قلت: الذي ينهى مع الجملة الشرطية، وهما في موضع المفعولين.
فإن قلت: فأين جواب الشرط؟
قلت: هو محذوف تقديره: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى. وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني.
فإن قلت: فكيف صح أن يكون (أَلَمْ يَعْلَمْ) جوابًا للشرط؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطاب، فكأنه تعالى يجعل الغير حاكماً بين أهل الحق وأهل الباطل، ويهضم من حق أهل الحق، ويقول: أيها الحاكم، أخبرني عمن يزعم أنه على الحق، وينهي عبداً من عباد الله عن عبادة الله وطاعته، لا أقول إنه رسول الله وصفوته من خلقه، بل هو بعض خلقه، أو يأمره بعبادة الأوثان، ويعتقد أنه أمر بالمعروف والتقوى. وأخبرني أيضاً عما نقول نحن: إن ذلك الآمر والناهي حاصل على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح، فما حكمك في ذلك؟ قال بعضهم: ﴿أَرَءَيْتَ﴾ وأُختاها متوجهات إلى ﴿أَلَمْ يَعْلَم﴾، وهو مقدر عند الأولين، وترك إظهاره اختصاراً، كما في قوله: ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: ٩٦]. مثاله أن تقوله: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استخبرته عنه، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي؟
قوله: (تقديره: ﴿أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾)، يعني: الشرط قوله: ﴿إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾، وجزاؤه ما دل عليه جزاء الشرط الثاني، وهو ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾، وترك ذكره اختصاراً.
قوله: (فكيف صح) أي: كيف صح أن يكون الاستفهام جزاء للشرط؟ وخلاصة