قلت: كما صح في قولك: إن أكرمتك أتكرمني؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟
فإن قلت: فما "أرأيت" الثانية وتوسطها بين مفعولي "أرأيت"؟
قلت: هي زائدة مكرّرة للتوكيد. وعن الحسن أنه أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة. (كَلَّا) ردع لأبى جهل وخسوء له عن نهيه عن عبادة الله تعالى وأمره بعبادة اللات، ثم قال: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) عما هو فيه، (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار. والسفع: القبض على الشيء وجذبه بشدّة. قال عمرو بن معديكرب:
قوم إذا يقع الصّريخ رأيتهم | من بين ملجم مهره أو سافع |
قوله: (وأمره بعبادة اللات)، إشارة إلى تفسيره لقوله: ﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ على زعمه كما قال: "آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد".
قوله: (قوم إذا نقع الصريخ) البيت، النقيع: الصراخ، ونقع الصوت واستنقع، أي: ارتفع إذا صوت المصوت. ويروى:
إذا فزعوا الصريخ
والفزع: الرُّعب والنُّصرة أيضاً، والصريخ والصارخ: المستغيث، والمهر: الفتي من الخيل، أو سافع: أي: آخذ بناصية فرسه بالسرعة من غير لجام. الراغب: "السفع: الأخذ بسُفعة الفرس، وهو سواد ناصيته، قال تعالى: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ [العلق: ١٥]. وباعتبار السواد يقال للأثافي: سُفع، وبه سُفعة غضب، اعتباراً بنا يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتد غضبه". يصف القوم بأنهم يُغيثون المستغيث بسرعة وينصرونه، وبعضهم يُلجمون الخيل، وبعضهم يأخذون ناصية الخيل ولا يُلجمون.