ومعنى ليلة القدر: ليلة تقدير الأمور وقضائها، من قوله تعالى: (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)] الدخان: ٤ [وقيل: سميت بذلك لخطرها وشرفها على سائر الليالي، (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) يعنى: ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها، ثم بين ذلك بأنها (خير من ألف شهر)، وسبب ارتقاء فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من المصالح الدينية التي ذكرها؛ من تنزل الملائكة والروح، وفصل كل أمٍر حكيم. وذكر في تخصيص هذه المدّة أنّ رسول الله ﷺ ذكر رجلًا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المؤمنون من ذلك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله؟ بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين". الحديث.
قوله: (ليلة تقدير الأمور)، نقل الإمام عن الواحدي أن القدر في اللغة بمعنى التقدير، وهو جعل الشيء على مقدار غيره من غير زيادة ولا نقصان. وقال: "سُميت به لأنها ليلة تقدير الأمور والأحكام. عن ابن عباس، أن الله تعالى قدر فيها كل ما يكون في تلك السنة، من مطر ورزق وإحياء وإماتة إلى السنة القابلة، نحو قوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤]. وليس المراد أن تقدير الله لا يحدث إلا في تلك الليلة؛ فإنه تعالى قدر المقادير في الأزل قبل خلق السموات والأرض، بل المراد إظهار تلك المقادير للملائكة".
قوله: (وقيل: سُميت بذلك لخطرها)، نقل الإمام عن الزهري أنه قال: "ليلة القدر ليلة العظمة والشرف؛ من قولهم: لفلان قدر عند فلان، أي: منزلة وشرف، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾. وهو يحتمل أن يراد منه، أن من أتى بفعل الطاعات صار ذا قدر وشرف، أو أن الطاعات لها في تلك الليلة قدر زائد وشرف. وعن أبي بكر الوراق: سُميت ليلة القدر، لأنه نُزل فيها كتاب ذو قدر، على لسان ملك ذي قدر، على أمة لها قدر".