لأن الرجل والركب مفردان في معنى الرجال والركاب. والرصد: مثل الحرس: اسم جمع للراصد، على معنى: ذوي شهاب راصدين بالرجم، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب، ويمنعونهم من الاستماع. ويجوز أن يكون صفة للشهاب بمعنى الراصد، أو كقوله:
ومعى جياعاً
يعني: يجد شهاباً راصداً له ولأجله.
فإن قلت: كأن الرجم لم يكن في الجاهلية، وقد قال الله تعالى: (ولَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ) [الملك: ٥]، فذكر فائدتين في خلق الكواكب: التزيين، ورجم الشياطين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ذوي شهاب) إلى آخره، قيل: حاصل الوجه الأول: أن المراد بقوله: ﴿شِهَابًا﴾ الملائكة، و ﴿رَّصَدًا﴾ صفته على الوجه الذي ذكره. والثاني: أن المراد بالشهاب معناه المشهور من غير حذف المضاف، والرَّصد مفرد لا اسم جمع، وهو صفة "شِهاب". والثالث: أن يكون المراج بالشهاب اسم جمع، كما في قوله:
ومعي جِياعَا
فإن المراد بالمعي الجمع؛ ولهذا وصفه بالجمع.
وقلت: لعل الحاصلين أن ﴿شِهَابًا رَّصَدًا﴾، لا يخلو: إما أن يُحْملا على الجميع، كما يقال: ذوي شهاب راصدين. أو على الإفراد، بأن يُقال: شهاباً راصداً، أي: يجد كل واحد من المُستمع شهاباً راصداً له ولأجله. أو يُحمل ﴿شِهَابًا﴾ على الإفراد، و ﴿رَّصَدًا﴾ على الجمع مُبالغة، نحو قوله: "مِعي جياعاً"، تنزيلاً للواحد وهو الموصوف منزلة الجمع؛ فإن المراد أن