(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها؛ وذلك عند النفخة الثانية حين تزلزل وتلفظ أمواتها أحياًء، فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع، كما يقولون: (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)] يس: ٥٢ [. وقيل: هذا قول الكافر؛ لأنه كان لا يؤمن بالبعث؛ فأما المؤمن فيقول: (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)] يس: ٥٢ [.
فإن قلت: ما معنى تحديث الأرض والإيحاء لها؟
قلت: هو مجاز عن إحداث الله تعالى فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان، حتى ينظر من يقول مالها إلى تلك الأحوال، فيعلم لم زلزلت ولم لفظت الأموات؟ وأنّ هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويحذرون منه. وقيل: ينطقها الله على الحقيقة، وتخبر بما عمل عليها من خيٍر وشر. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تشهد على كل أحد بما عمل على ظهرها".
فإن قلت: (إِذا) و (يَوْمَئِذٍ): ما ناصبهما؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿مَا لَهَا﴾ زُلزلت؟ )، قيل: هذه إشارة إلى أن في الكلام حذفاً، وهو حال من الضمير المجرور لأنه مفعول، أي: أي شيء ثبت لها في هذه الحال، لقوله تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٩].
قوله: (تشهد على كل أحد بما عمل على ظهرها)، روى الإمام أحمد بن حنبل والترمذي، عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول الله؟ هذه الآية: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾، قال: "أتدرون ما أخبارها؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم [كذا] كذا وكذا، فهذه أخبارها".


الصفحة التالية
Icon