..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتصاف: "سؤاله مبني على قاعدتين:
إحداهما: أن حسنات الكافر مُحطبة بالكفر وفيه نظر؛ فإن أريد به أنها لا يثاب بها فصحيح، وأما تخفيف العذاب فغير مُسلم، وقد وردت فيه الأحاديث أن حاتماً يُخفف الله عنه لكرمه، وفي حق أبي طالب وغيره، فلها أثر في تخفيف العذاب.
وثانيتهما: أن اجتناب الكبائر يوجب تكفير الصغائر، فهو خلاف مذهب أهل السنة؛ فتكفير الصغائر بأحد أمرين، إما بالتوبة، وإما بمشيئة الله بالمغفرة؛ فهذا السؤال ساقط عندنا".
وقال الإمام: "يجوز أن يقال: إن حسنات الكافر وإن كانت مُحبطة بكفره، لكن الموازنة معتبرة عندكم، فبقدر تلك الحسنات ينحط من عقاب كفره، وكذا القول في الجانب الآخر، فلا يكون ذلك قادحاً في عموم الآية".
وقلت: الآية تحتمل معنيين: أن يراد بإحدى القرينتين السعداء وبالأخرى الأشقياء لتكرير الموصول، وأن يراد العموم في كل قرينة كما يقال: فمن يعمل مثقال ذرة من المؤمنين والكافرين خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة من المؤمنين والكافرين شراً يره. وعلى الأول ورد كلام المصنف، وما روى محيي السنة والإمام عن محمد بن كعب القرظي: فمن يعمل مثقال ذرة من خير وهو كافر، فإنه يرى ثواب ذلك في الدنيا في نفسه وأهله وماله، حتى يلقى الآخرة وليس له فيها خير. ومن يعمل مثقال ذرة من شر وهو مؤمن، كُفر ذلك في الدنيا في نفسه وأهله وماله، حتى بلغ الآخرة وليس له فيها شر. لكن قصد المصنف في ذلك إدخال مرتكب الكبيرة في زمرة الكفار والأشقياء، لأن حسنات مرتكب الكبيرة محبطة به فلا يرى غير الشر، كما أن صغائر مجتنب الكبائر مكفرة به، فلا يرى غير الخير، يُعلم ذلك من سؤاله. وعلى الثاني ما رواه الواحدي عن مقاتل: فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة خيراً،