يعني: وإنه لأجل حب المال، وأن إنفاقه يثقل عليه، لبخيل ممسك. أو أراد بالشديد: القوى، وأنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوى مطيق، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس. تقول: هو شديد لهذا الأمر، وقوىّ له: إذا كان مطيقًا له ضابطًا. أو أراد: أنه لحب الخيرات غير هش منبسط، ولكنه منقبض. (بُعْثِرَ) بعث. وقرئ: بحثر وبحث، وبحثر، وحصل على بنائهما للفاعل. وحصل: بالتخفيف. ومعنى (حُصِّلَ) جمع في الصحف، أي: أظهر محصلًا مجموعًا. وقيل: ميز بين خيره وشره، ومنه قيل للمنخل: المحصل. ومعنى علمه بهم يوم القيامة: مجازاته لهم على مقادير أعمالهم؛ لأنّ ذلك أثر خبره بهم. وقرأ أبو السمال: (إنّ ربهم بهم يومئذ خبير).
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة "والعاديات"، أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعاً».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعنى "حُصل" جُمع في الصحف، أي: مُحصلاً مجموعاً)، الراغب: "التحصيل: إخراج اللُّب من القشور، كإخراج الذهب من حجر المعدن، والبُّر من التبن، قال تعالى: ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾، أي: أُظهر ما فيها وجُمع، كإظهار اللُّب من القشر وجمعه، أو كإظهار الحاصل من الحساب. وحوصلة الطير: ما يحصل فيه الغذاء؟.
قوله: (ومعنى علمه بهم يوم القيامة)، قيل: فيه إشارة إلى أن قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾، وهو العامل في "إذا" ومفعولاه محذوفان، أي: أفلا يعلمهم عاملين ما عملوا إذا بُعثر؟ أي: أفلا يجازيهم إذا بعثر؟ أو يقول: أُجري العلم مجرى الفعل اللازم، أي: أفلا يكون له العلم في هذه الحال؟ أي: أفلا يجازيهم حينئذ؟ يعني: يُجازيهم؛ ثم حقق ذلك بقوله: ﴿إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon