[(وأنا مِنَّا الصَّالِحُونَ ومِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) ١١]

(مِنَّا الصَّالِحُونَ) الأبرار المتقون، (ومِنَّا دُونَ ذَلِكَ) ومنا قوم دون ذلك، فحذف الموصوف، كقوله: (ومَا مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) [الصافات: ١٦٤]، وهم المقتصدون في الصلاح غير الكاملين فيه، أو أرادوا الطالحين. (كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) بيان للقسمة المذكورة، أي: كنا ذوى مذاهب مفترقة مختلفة، أو كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة، أو كنا في طرائق مختلفة، كقوله:
كما عسل الطريق الثّعلب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنسبة الرشاد إليه تعالى، وجعلوا الشر مُضمر الفاعل، فجمعوا بين حسن الاعتقاد والأدب الحسن". وقلت: مثله قوله تعالى: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧].
قوله: (﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ بيان للقسمة المذكورة)، قال الزجاج: "قدداً: متفرقين مسلمين وغير مسلمين، وقوله: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾، تفسير لـ ﴿طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ ". اعلم أن ﴿طَرَائِقَ﴾ هو خبر ﴿كَانَ﴾، إما بحذف المضاف في الخبر، وهو "ذو" تارة، و ﴿قِدَدًا﴾ صفة، وهو المراد من قوله: كنا ذوي مذاهب متفرقة". وأخرى مثل على منوال: زيد أسد، وكذلك أتى بأداة التشبيه وبين وجه الشبه بقوله: "في اختلاف أحوالنا". وإما على أنه ظرف مُستقر يُحذف "في" في المؤقت، وإليه الإشارة بقوله: "كنا في طرائق مختلفة". ويجوز أن يُترك على ما هو عليه، ويقدر مضافاً في اسم كان، وهو المراد من قوله: "أو كانت طرائقنا طرائق قِدداً".
قوله: (كما عَسَلَ الطريق الثعلب)، أوله:
لَدْن بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه فيه


الصفحة التالية
Icon