قلت: هي مفاعلة من الإراءة، لأنّ المرائي يرى الناس عمله، وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به، ولا يكون الرجل مرائيًا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضةً، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها، لقوله عليه الصلاة والسلام: «ولا غمة في فرائض الله"؛ لأنها أعلام الإسلام وشعائر الدين؛ ولأن تاركها يستحق الذم والمقت، فوجب إماطة التهمة بالإظهار؛ وإن كان تطوعًا، فحقه أن يخفى، لأنه مما لا يلام بتركه ولا تهمة فيه؛ فإن أظهره قاصدًا للاقتداء به كان جميلًا، وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين، فيثنى عليه بالصلاح. وعن بعضهم: أنه رأى رجلًا في المسجد قد سجد سجدة الشكر وأطالها، فقال: ما أحسن هذا لو كان في بيتك؛ وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة؛ على أن اجتناب الرياء صعب إلا على المرتاضين بالإخلاص. ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة المظلمة على المسح الأسود». "الْماعُونَ" الزكاة، قال الراعي:
قوم على الإسلام لمّا يمنعوا | ماعونهم ويضيّعوا التّهليلا |
قوله: (ولا غُمة)، يروى: ولا غرر في فرائض الله. النهاية: "في حديث وائل بن حُجر: أي: ولا تُستر وتُخفى فرائضه، وإنما تظهر وتُعلن ويُجهر بها".
قوله: (قوم على الإسلام) البيت، المانعون فيه الزكاة، تعريض بأهل الردة، أي: لسنا من أهل الردة حتى تُعاملونا معاملتهم.