لنفتنهم فيه: لتكون النعمة سبباً في إتباعهم شهواتهم، ووقوعهم في الفتنة، وازديادهم إثماً؛ أو لنعذبهم في كفران النعمة. (عَن ذِكْرِ رَبِّهِ) عن عبادته أو عن موعظته، أو عن وحيه. (يَسْلُكْهُ): وقرئ بالنون مضمومة ومفتوحةً، أي: ندخله (عَذَابًا)، والأصل: نسلكه في عذاب، كقوله: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) [المدثر: ٤٢] فعدي إلى مفعولين: إما بحذف الجار وإيصال الفعل، كقوله: (واخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ) [الأعراف: ١٥٥]، وإما بتضمينه معنى «ندخله»، يقال: سلكه وأسلكه، قال:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة
والصعد: مصدر صعد، يقال: صعد صعداً وصعوداً، فوصف به العذاب، لأنه يتصعد المعذب، أي: يعلوه ويغلبه فلا يطيقه. ومنه قول عمر رضي الله عنه: ما تصعدني شيء ما تصعدني خطبة النكاح، يريد: ما شق علي ولا غلبني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿يَسْلُكْهُ﴾، وقُرئ بالنون)، عاصم وحمزة والكسائي: بالياء مفتوحة، والباقون: بالنون.
قوله: (حتى إذا أسْلكوهم في قُتائِدةٍ)، عجزه:
شَلًّا كما تَطْردُ الجمّالةُ الشُّرُدَا
قُتائدةٍ: ثنية معروفة، والشَّلّ: الطَّرد، أي: يشلون شلًّا؛ يصف جيشاً هزموهم، حتى أدخلوهم في هذه الثنية، كما تطرد الجمالة النوق الشُّرُد النافرة.
قوله: (ما تصعّدني شيء ما تَصَعدتني خطبة النكاح)، "ما" الأولى نافية، والثانية مصدرية.


الصفحة التالية
Icon