والمعنى: هلكت يداه؛ لأنه فيما يروى: أخذ حجرًا ليرمى به رسول الله ﷺ (وَتَبَّ) وهلك كله، أو جعلت يداه هالكتين. والمراد: هلاك جملته، كقوله تعالى: (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ)] الحج: ١٠ [ومعنى: (وَتَبَّ): وكان ذلك وحصل، كقوله:
جزاني جزاه الله شرّ جزائه | جزاء الكلاب العاويات وقد فعل |
قولُه: (والمراد: هلاك جُملته)، ونحوه قول الشاعر:
وإنّ امرءًا ضَنَّتْ يَداهُ على امرئٍ | بِنَيْلِ يدٍ من غيرِه لبخيلُ |
قولُه: (ومعنى ﴿وَتَبَّ﴾: وكان ذلك وحَصَل)، عن بعضهم: فتَبَّ على الأولِ: دعاءٌ، وعلى الثاني: خبر. و «تَبَّتْ» دعاءٌ على كلِّ حال. قال الإمام: «يجوزُ أن يراد بالأولِ هلاكُ عملِه، وبالثاني هلاكُ نفسِه، ووجهُهُ أن المرءَ إنما يسعى لمصلحةِ نفسِه وعملِه، فأخبرَ اللهُ تعالى أنه محرومٌ من الأمرين».
وقلتُ: النظمُ يساعدُ قولَ الإمام، لأن ما بعدَه بيانٌ وتفسير؛ فإنّ قولَه: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾، إشارةٌ إلى هلاكِ عملِه، وقولَه: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾، إشارةٌ إلى هلاكِ نفسِه. وقال «تَبَّ» أولًا على الماضي، ليؤذنَ بالقطعِ على سننِ إخبارِ الله عن المستقبل، و ﴿سَيَصْلَى﴾ ثانيًا على الاستقبال، حكايةً للحالِ الآتية، تصويرًا لها في مشاهدةِ السامع.
يؤيدُه أيضًا قراءةُ ابنِ مسعود -رضي الله عنه-: «وقد تَبَّ»، لأن «قد» للتحقيق كما في قول الشاعر.
وقد فَعَلْ.