وقرأ عبد الله وأبىّ: (هو الله أحد) بغير (قُلْ)، وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أحد) بغير (قُلْ هُوَ)، وقال: "من قرأ: الله أحد، كان بعدل القرآن). وقرأ الأعمش: (قل هو الله الواحد). وقرئ: (أحد الله) بغير تنوين؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا عُلِمَ هذا، فنقول: إنهم لما قالوا: صِفْ لنا ربَّك الذي تدعونا إليه، قيل لهم: المسؤول عنه الله، وهو واحدٌ متفردٌ بالذاتِ في عدم المثلِ والنظير؛ فإجراءُ الكلامِ للتمييز، والصّفةُ فارقة. وإن استلزمَ التعظيم؛ لأنه ابتداءُ أمرِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إرشادًا للقوم، وتنبيهًا على معبودٍ عظيمِ الشأنِ قاهرِ السلطان، فكأنه قيل: قُلْ يا محمدُ: الشأنُ والأمرُ أن الله أحدٌ لا ثاني له، فَدلَّ بقوله: ﴿اللَّهُ﴾، على جميعِ صفاتِ الكمال، وبالأحدِ على جميع صفاتِ الجلال؛ فالمناسبُ أن يقالَ: واحدٌ لا ثاني له، لأنه دالٌّ لنفيِ ما يُذكرُ معه. والاحتمالُ الثاني، وهو أن يتعلَّق بالوجهينِ كليهما، أي: ﴿هُوَ﴾ ضميرُ الشأن، أو ﴿هُوَ﴾ بمعنى المسؤول؛ فحينئذٍ لا فرق بين أحدٍ وواحد، قالَ الجوهري: «الأحدُ بمعنى الواحد، وهو أول العدد»، وقال صاحب "النهاية": «الواحدُ هو الفردُ الذي لم يزل وحدَه، ولم يكن معه آخر».
قولُه: (كانَ يَعْدلُ القرآن)، قيل: كان قراءتُه يَعْدلُ قراءةَ القرآن، والحديث استشهادٌ لهذه القراءة. ولعلّ المرادَ أن قولَه: ﴿قُلْ هُوَ﴾ كالمقدمةِ والتمهيدِ لقوله ﴿اللَّهُ أَحَدٌ﴾، وهو إنما يستقيمُ على جَعْلِ الضميرِ للشأن.