وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده، وكفى دليلًا من اعترف بفضلها وصدق بقول رسول الله ﷺ فيها: إنّ علم التوحيد من الله تعالى بمكان، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم: يشرف بشرفه، ويتضع بضعته؛ ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و"ما" مزيدةٌ إبهاميّة، أي: لأمرٍ عظيمٍ يُسَوَّدُ مَن يَسود.
قولُه: (وكفى دليلًا من اعترف)، "من اعترف" مفعولُ "كفى"، والفاعلُ ما دلَّ عليه لاحتوائها على صفات الله، والضمير في "بفضلها" للسورة، و"صَدَّقَ" عطفٌ على "اعترف"، و"بقولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- متعلقٌ بـ"صَدَّقَ". وقولُه: أن "علم التوحيد" متعلّقٌ بـ"دليلًا" وهو تمييز، أي" كفى ذلك مَن اعترفَ بفضلِ السورة، وصَدَّقَ بقولِ الرسولِ، دليلًا على أن علم التوحيد من الله بمكان. والمرادُ بقولِ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما رواه في خاتمة السورة: "أُسِّستْ السماواتُ السبعُ" إلى آخره؛ ولم أجدِ الحديثَ في الأصولِ المعتبرة.
وقد وردَ عن الترمذيِّ وأبي داودَ وابن ماجه، عن بريدة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلًا يقول: «اللهم إني أسألأك بأني أشهدُ أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحدُ الصمد، الذي لم يلدْ ولم يولدْ، ولم يكن له كفوًا أحد. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-" والذي نفسي بيده، لقد سألَ اللهَ باسمِه الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئِلَ به أعطى».