لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر، وأسند الشر إليه لملابسته له من حدوثه فيه. النَّفَّاثاتِ: النساء، أو النفوس، أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدًا في خيوط وينفثن عليها ويرقين، والنفث: النفخ من ريق، ولا تأثير لذلك، اللهم إلا إذا كان ثم إطعام شيء ضار، أو سقيه، أو إشمامه، أو مباشرة المسحور به على بعض الوجوه؛ ولكنّ الله عز وجل قد يفعل عند ذلك فعلًا على سبيل الامتحان الذي يتميز به الثبت على الحق من الحشوية والجهلة من العوام،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوُله: (يَتميز به الثُّبَّتُ على الحقِّ من الحَشْوية)، الانتصاف: «القدريّةُ ينكرونَ السحر، والكتابُ والسُّنةُ واردانِ بوقوعِه، والأمرُ بالتعوّذِ منه دليلٌ عليه. وقد سُحِرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، في مُشُطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعةِ ذَكَر».
وقلتُ: الحديثُ رويناه عن البخاريِّ ومسلمٍ وابنِ ماجه، عن عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: «سُحِرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إنه ليُخَيّلُ إليه أنه فعلَ الشئَ ولم يكن فعلَه، حتى إذا كانَ ذاتَ يومٍ وهو عندي، دعا الله ودَعاه، ثم قالَ: جاءني رجلان، فجلس أحدهُما عند رأسي والآخر عند رِجْليَّ، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرجل؟ قال مَطْبوب. قال: ومَن طَبَّه؟ قال: لبيدُ بنُ الأعصمِ اليهوديُّ من بني زُريق. قال: في ماذا؟ قال: في مُشُطٍ ومُشاطةٍ وجُفِّ طَلْعةِ ذَكَرٍ. قال: فأين هو؟ قال: في بئرِ ذي أَرْوان»، الحديث.
الراغب: «تأثيرُ السحرِ في النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، لم يكن من حيثُ إنه نبي، وإنما كانَ في بَدَنِه من حيثُ إنه إنسانٌ أو بشر، كما كان يأكلُ ويتغوّطُ ويغضبُ ويَشْتهي ويَمْرض، فيصحُّ من حيثُ هو نبيّ، وإنما يكون ذلك قادحًا في النبوة. أو وُجدَ للسحرِ تأثيرٌ في أمر يرجعُ إلى النبوة،


الصفحة التالية
Icon