ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والنصف النائم لاستراحة النفس، وإن كان لا يخلو من أن يدخل في العبادة، من حيث إنه استعداد لها، ويد عليه قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: ٣].
ويمكن أن يقال: القلة في الحقيقة صفة للحاصل في النصف، ثم اعتبرت صفة للنصف، كقولهم: نهاره صائم وليله قائم. فعلى هذا النصف النائم قليل بالإضافة إلى النصف القائم، بالنظر إلى ما في كل واحد منهما، أي من الثواب؛ فجعل القليل مبدلاً منه، والنصف بدلاً، تنبيهاً على هذا المعنى الدقيق. وأمّا التخيير، فليعلم أن هذا ليس مما لا يزيد ولا ينقص، بل مما يحتمل الزيادة والنقصان، أعنى ذكر النصف أولاً. فلو اقتصر عليه، ظن أن الزيادة والنقصان لا يتطرفان عليه، كركعات الصلاة المفروضة، وكأوقات الصلاة، وكالحدود، ولأن في ترك التخيير تعسيراً، وفي وجوده تيسيراً.
ويجوز أن يكون ما يوجد من هذه الأقسام، أعني: النصف، أو الناقص منه، أو الزائد عليه، يكون فرضاً كالقراءة في الصلاة؛ فإن ما قرأ المصلي، وإن كان تمام القراءة كان فرضاً وإن اقتصر على آية أو ثلاث آيات كما عرف، كان مؤدياً للفرض، وكانت صلاته مؤداة بما فُرض عليه من القراءة.
وقال على الوجه الثالث - وهو قوله: "وإن شئت قلت: لما كان معنى ﴿قُمِ الَّيْلَ﴾ إلى آخره -: الاعتراض عليه من وجهين: أحدهما: أن يقال: قوله: قُم أقل من نصف الليل، أو أنقص من ذلك الأقل، أو أزيد من ذلك الأقل، بمنزلة أن يقال: قُم أقل من النصف، أو قُم أقل من النصف، أو قم أقل من النصف؛ لأنه يلزم أن يكون أزيد من أقل النصف بالغاً


الصفحة التالية
Icon