ويجوز إذا أبدلت «نصفه» من «قليلا» وفسرته به، أن تجعل قليلا الثاني بمعنى نصف النصف: وهو الربع، كأنه قيل: أو انقص منه قليلا نصفه، وتجعل المزيد على هذا القليل، أعني الربع، نصف الربع كأنه قيل: أو زد عليه قليلا نصفه. ويجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث، فيكون تخييراً بين النصف والثلث والربع.
فإن قلت: أكان القيام فرضا أم نفلا؟
قلت: عن عائشة رضي الله عنها أنّ الله جعله تطوعاً بعد أن كان فريضة، وقيل: كان فرضاً قبل أن تفرض الصلوات الخمس، ثم نسخ بهن إلا ما تطوّعوا به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلثي الليل. فيكون التخيير بين الأقل من النصف وفيما وراء النصف، وهو أقل من الثلث وأزيد منه؛ فَعُلِمَ منه ان الضمير في قوله: "بينه وبين الثلث"، راجع إلى "ما وراء النصف". والظرف الثاني بدل من الأول، لا كما ظن أنه راجع إلى القليل كما فسر بالنصف.
وأما الوجه الرابع، وهو أن يكون ﴿نِّصْفَهُ﴾ بدلاً من ﴿قَلِيلًا﴾، فهو منزل أيضاً على القراءة بالكسر. وتقريره أن القليل الأول كما فُسِّر بالنصف، يُفسر الثاني بنصف النصف لاحتماله. ولما كانت المطابقة بين الآيتين مطلوبة: يجعل نصف النصف الرُّبع، ويحمل المطلق، وهو قوله: ﴿زِدْ عَلَيْهِ﴾، لأنه لا يعلم كمية الزيادة، على المقيد وهو نصف النصف، فيحصل الثُّمن، فيضم مع الربع، فيصير الرُّبع والثمن، وهو الثلث تقريباً، فكأنه قيل: قم الليل نصفه أو ربعه أو ثلثه: وإذا لم تحمل الزيادة المطلقة على المقيد، بل تجعل تتمة للثلث، أي: ما يتم به الربع ثلثاً تحقيقاً، فيقع التخيير أيضاً بين النصف والربع والثلث، كما صرح به أيضاً في موضعه، فلينظر هناك. وإياك أن تصحح هذه الوجوه الثلاثة بغير ما ذُكر، فتقع في المتعسف.
قوله: (وقيل: كان فرضاً)، روى محيي السنة عن مقاتل وابن كيسان: "كان هذا بمكة