خليقة بالأخف الأوجز، واستعمالها فيه أكثر. فإن قلت: قد تبين أنها أسماء لحروف المعجم، وأنها من قبيل المعربة، وأن سكون أعجازها عند الهجاء لأجل الوقف، فما وجه وقوعها على هذه الصورة فواتح للسور؟ قلت:
فيه أوجه: أحدها وعليه إطباق الأكثر: أنها أسماء السور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قد تبين أنها أسماءٌ)، يعني أطنبت في تقرير كونها أسماء، وتركت المقصود الأولى وهو وجه وقوعها على هذه الصورة المخصوصة في أوائل السور من بيان فائدتها، وكيفية إعرابها فيها، وتخصيص كلٍّ من السور التي فاتحتها بما اختصت به، وتخصيص أعدادها وغير ذلك، فإن كل ذلك هو المطلوب في التفسير.
ودل على هذا الإنكار الفاء في قوله: ((فنا وجه وقوعها؟ )).
وأجاب عن ذلك بوجوهٍ ثلاثة: وهي أنها أسماءٌ للسور، أو هي كقرع العصا، أو أنها تقدمةٌ لدلائل الإعجاز، وضمن هذه الوجوه الثلاثة ما يقتضيها من الفوائد، ومن كونها معربةً أو محكيةً. ومن اختصاص أعدادها وغير ذلك كما سيرد، فعلم من هذا البيان أن الأبحاث السابقة كانت كالمقدمة للاحقة.
قوله: (لحروف المعجم)، الجوهري: العجم: النقط بالسواد.
ومنه حروف المعجم وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط. ومعناه حروف الخط المعجم، كما تقول: مسجد الجامع، أي: مسجد اليوم الجامع. وناسٌ يجعلون المعجم بمعنى الإعجام مصدراً مثل المخرج والمدخل، أي: من شأن هذه الحروف أن تعجم.
قوله: (وعليه إطباق الأكثر)، قال الإمام: هو قول أكثر المتكلمين واختيار الخليل وسيبويه.


الصفحة التالية
Icon