فماذا شبه في التمثيل الثاني بالصيب وبالظلمات وبالرعد وبالبرق وبالصواعق؟ قلت: لقائل أن يقول: شبه دين الإسلام بالصيب؛ لأنّ القلوب تحيا به حياة الأرض بالمطر. وما يتعلق به من شبه الكفار بالظلمات،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإضاءة، يدل عليه قوله فيما سبق: "وأين الإضاءة في حال المنافق" وجوابه: أن "المراد ما استضاؤوا به قليلاً من الانتفاع بالكلمة المجراة على ألسنتهم" ثم كما ترتب على تلك الإضاءة إذهاب النور بالكلية كذلك ترتب على هذه الإضاءة انقطاع الانتفاع وهو المراد بقوله: "وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار" ولا شك أن انقطاع الانتفاع متوقف على ثبوته، فالتقدير: شبه الإظهار بالاستيقاد والانتفاع بالإضاءة لدلالة كلامه السابق وهو قوله: "ما استضاؤوا به قليلاً من الانتفاع" على أن الانتفاع مشبه بالإضاءة. هذا التقرير وهو قوله: "قد شبه المنافق" إلى آخره؛ هذا التقرير يؤيد أيضًا ما ذهبنا إليه من أن السؤال فيما سبق في قوله: "فيم شبهت" عن المشبه لا عن الوجه.
قوله: (شبه دين الإسلام بالصيب) لما كان الكلام فيه تشبيه حال المنافقين بذوي الصيب، فكانوا ملتبسين بالمسلمين تجري عليهم أحكامهم، دخل دين الإسلام بالتشبيه.
قال القاضي: شبه أنفس المنافقين بأصحاب الصيب، وإيمانهم المخالط بالكفر والخداع بصيبٍ فيه ظلمات ورعد وبرق من حيث إنه وإن كان نافعًا في نفسه لكنه لما وجد في هذه الصورة، عاد نفعه ضرًا، وشبه نفاقهم حذرًا عن نكايات المؤمنين، وما يطرقون به من سواهم من الكفرة بجعل الأصابع في الآذان من الصواعق حذر الموت.
قوله: (وما يتعلق به) روي مجهولاً. قيل: الضمير المجرور إذا رجع إلى "الدين"، لا يبقى للموصول عائد، ولو روي مرفوعًا لرجع الضمير المستتر فيه إلى الموصول، وفي "به" إلى "الدين"، لكان وجهًا، لكن الرواية بالضم.