والصيب: المطر الذي يصوّب، أى ينزل ويقع، ويقال للسحاب: صيب أيضا. قال الشماخ يصف سحابةً:
وأَسْحَمَ دَانٍ صَادِقِ الرَّعْدِ صَيِّب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما: أن يستعار لمعنى التخيير "أو" الإباحة لعلاقة تعليق الحكم بأحد المذكورين كما يستعار الأسد للشجاع لعلاقة الجراءة.
وثانيهما: أن يحمل على عموم المجاز لتعليق الحكم بأحد المذكورين، فيقال: "أو" أما في الخبر، فإنها للشك، وفي الأمر للتخيير والإباحة، وعلى الأول ورد في "الكشاف"، وعلى الثاني في "المفصل"، وفي كلام الزجاج إشعار بما ذهب إليه المصنف وقال: "أو" في قوله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ) دخلت لغير شك، وهذه يسميها الحذاق باللغة "أو" الإباحة، والمعنى: أن التمثيل مباح لكم في المنافقين، إن مثلتموهم بالمستوقدين فذلك مثلهم، أو مثلتموهم بأصحاب فهو مثلهم، أو مثلتموهم جميعًا فهما مثلاهم.
وقلت: إن اختصاص الحذاق، أي: المهرة بهذا المعنى دون من سواهم، دليل على دقة هذا المعنى. ولم يكن كذلك إذا كان حقيقة لاستواء الحذاق وغيرهم من أهل اللغة فيه. وهذا خلاف تلك القاعدة، وهي أن "أو" في الأمر للإباحة لكونها داخلة ها هنا على الخبر، وهي للإباحة، ولأن "أو" عند الإطلاق يتبادر منها الشك دون ما سواه من المعاني، وذلك أمارة الحقيقة.
قوله: (وأسحم دانٍ صادق الرعد صيب) صدره:
عفا آيه نسج الجنوب مع الصبا
الأسحم: السحاب الأسود، ذانٍ: قريب من الأرض، صادق الرعد، أي: غير خلب، المعنى: محا آثار ربع المحبوب وغير رسومه، اختلاف هاتين الريحين، وتتابع هبوبهما؛ مثل


الصفحة التالية
Icon