والمعنى: أنه غمام مطبق آخذ بآفاق السماء، كما جاء بصيب. وفيه مبالغات من جهة التركيب والبناء والتنكير. أمد ذلك بأن جعله مطبقا. وفيه أن السحاب من السماء ينحدر ومنها يأخذ ماءه، لا كزعم من يزعم أنه يأخذه من البحر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها
سمى بعض الأرض أرضًا، وبعض السماء سماءً، وأريد ببعد السماء والأرض ما يقابل من السماء والأرض التي بينهما، ولا يجوز أن يراد بالسماء المطلقة؛ لأنها ليست بينه وبينها.
قوله: (من جهة التركيب) لأنها ركبت من صادٍ، وهي مطبقة مستعلية، وياءٍ مشددة، وباءٍ وهي من الشديدة.
قوله: (والبناء) لأنها بنيت على وزن فيعل، وهي صفة مشبهة تدل على شيءٍ ثابت. قال السجاوندي: وهو بناء يختص بالمعتل وفيه مبالغة.
وقوله: (والتنكير) لأنه تنكير تهويل.
قوله: (بأن جعله مطبقًا) حيث عرف السماء باللام الاستغراقية.
قوله: (لا كزعم من يزعم أنه يأخذه من البحر) قال الإمام: من الناس من قال: المطر إنما يحصل من ارتفاع أبخرة رطبةٍ من الأرض إلى الهواء، فتنعقد هناك من شدة برد الهواء، ثم تنزل مرة أخرى، والله تعالى أبطل ذلك المذهب هنا بأن بين أن ذلك الصيب نزل من السماء. وكذلك بقوله: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) [الفرقان: ٤٨] وبقوله: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) [النور: ٤٣].