وكما قيل: (ظلمات)؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يراد العينان، ولكنهما لما كانا مصدرين في الأصل - يقال: رعدت السماء رعداً وبرقت برقاً؛ روعي حكم أصلهما بأن ترك جمعهما وإن أريد معنى الجمع. والثاني: أن يراد الحدثان كأنه قيل: وإرعاد وإبراق. وإنما جاءت هذه الأشياء منكرات، لأن المراد أنواع منها، كأنه قيل: فيه ظلمات داجية، ورعد قاصف، وبرق خاطف. وجاز رجوع الضمير في يجعلون إلى أصحاب الصيب مع كونه محذوفا قائما مقامه الصيب، كما قال: (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف: ٤]، لأن المحذوف باق معناه وإن سقط لفظه. ألا ترى إلى حسان كيف عوّل على بقاء معناه في قوله:
يُسْقَوْنَ مِنْ وِرْدِ البَرِيصِ عليْهِمُ | بَرْدَي يُصَفِّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ |
قوله: (العينان) أي: اسمان لا مصدران.
قوله: (وإن أريد معنى الجمع) "الواو" بمعنى مع، أي: ترك الجمع لفظًا مع إرادته معنى. ولو روي "إن" بالكسر على الشرطية كان أظهر.
قوله: (الحدثان) يجوز فيه الرفعن ويراد به المصدر، وكسر النون ويراد به تثنية الحدث، وهو مصدر أيضًا، وصح بالكسر.
قوله: (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) [الأعراف: ٤] فإن "هم" والضمير في "قائلون" يرجع إلى المضاف المحذوف عند قوله: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا) أي: أهلكنا أهلها، وإنما ذكر تقدر "ذوي" فيما سبق على سبيل الاستطراد، وذكره هناهنا على سبيل الأصالة وحل التركيب.
قوله: (يسقون) البيت، قبله:
لله در عصابةٍ نادمتها | يومًا بجلق في الزمان الأول |
أولاد حفنة حول قبر أبيهم | قبر ابن مارية، الكريم المفضل |
بيض الوجوه كريمة أحسابهم | شم الأنوف من الطراز الأول |