كما لا يفوت المحاط به المحيط به حقيقة. وهذه الجملة اعتراض لا محل لها. والخطف: الأخذ بسرعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (المحاط به: المحيط به) لا ضمير في "المحاط" لأنه يعدى بالجار إلى المفعول به، والضمير المجرور عائد إلى اللام، والضمير في "المحيط" عائد إلى اللام فيه وفي "به" الثاني إلى المحاط. المعنى: كما لا يفوت الذي أحيط به من كل جانبٍ من قصده وأحاط به.
قوله: (وهذه الجملة اعتراض لا محل لها) فإن قلت: كيف يصح أن تقع معترضة وهي لتأكيد معنى المعترض فيها، والكلامان اللذان اعترضت هذه فيهما في شأن ذوي الصيب، وهو الممثل به وهذه بعض أحوال المنافقين الممثل له؟
قلت: هذا من وجيز الكلام وبليغه؛ وذلك أن مقتضى الظاهر أن يذكر هذا قبيل "كصيب" ليكون بعضًا من أحوال المشبه، فنزل هنا ليدل على ذلك، ويعطي معنى التأكيد في هاتين الجملتين. وفيه من الغرابة: أنه مؤكد بحال المشبه به، وهو من حال المشبه، وفائدته شدة المناسبة بين المشبه والمشبه به، وأن المشبه مما يهتم بشأنه ويعتني بحاله، وهذا المعنى قريب مما مر في (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة: ١٧] وأنه في حال المنافقين على جزاء الشرط، وأنه من حال المستوقدين.
والأوجه أن يقال: إن قوله: (بِالْكَافِرِينَ) من وضع المظهر موضع المضمر إشعارًا باستئهال أصحاب ذوي الصيب ذلك لكفرانهم نعم الله تعالى. ومثل هذا التتميم في المشبه به مما يقوي المقصود في التمثيل من المبالغة، ونحوه قوله تعالى: (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) [آل عمران: ١١٧]. قال: "شبه بحرث قومٍ ظلموا أنفسهم، فأهلك عقوبة لهم على معاصيهم؛ لأن الإهلاك عن سخطٍ أشد