"تيماً" الثاني بين الأول وما أضيف إليه، وكإقحامهم لام الإضافة بين المضاف والمضاف إليه في: لا أبالك: ولعل للترجى أو الإشفاق. تقول: لعل زيداً يكرمني. ولعله يهينني.
وقال اللَّه تعالى: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه: ٤٤]، (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى: ١٧]. ألا ترى إلى قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) [الشورى: ١٨]. وقد جاءت على سبيل الإطماع في مواضع من القرآن، ولكن لأنه إطماع من كريم رحيم، إذا أطمع فعل ما يطمع فيه لا محالة، لجرى إطماعه مجرى وعده المحتوم وفاؤه به. قال من قال: إن «لعل» بمعنى «كى»، و «لعل» لا تكون بمعنى «كى»، ولكن الحقيقة ما ألقيت إليك. وأيضا فمن ديدن الملوك وما عليه أوضاع أمرهم ورسومهم أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على إنجازها على أن يقولوا: عسى، ولعل، ونحوهما من الكلمات،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يلقينكم في سوأةٍ عمر
وذلك أن عمر بن لجأٍ التيمي أراد أن يهجو جريرًا، فخاطب جرير قبيلة يتمٍ وقال: لا تتركوا عمر أن يهجوني فيصيبكم شري. قال المصنف: فإن قيل: يا تيم كلام مفيد بنفسه، فجاز وقوع تيم الثاني تأكيدًا له بخلاف "والذين" في الآية، فإنه غير مفيدٍ فكيف يجوز تأكيده بمن؟ والجواب: أن "الذين" مفيد أيضًا فائدة الإشارة وإن كان المشار إليها مبهمًا، ولهذا رجع الضمير إليه، والضمير إليه، والضمير إنما يرجع إلى المفيد فإنك تقول: الذي فعلته.
قوله: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: ٤٤] مثال الترجي. وقوله: (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى: ١٧] مثال الإشفاق، وكذا المثالان السابقان.
قوله: (قال من قال) معلل قوله: "لأنه إطماع".
قوله: (وأيضًا فمن ديدن الملوك) عطف على قوله "إطماع من كريم" من حيث المعنى.


الصفحة التالية
Icon