فلم قصره عليهم دون من قبلهم؟ قلت: لم يقصره عليهم، ولكن غلب المخاطبين على الغائبين في اللفظ والمعنى على إرادتهم جميعاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: "عسى" معناها الطمع والإشفاق والإطماع من الله واجب. تم كلامه.
ثم الإطماع إما راجع إلى المتكلم فيكون لتحقيق ما يطمع فيه؛ لأنه كريم، أو عظيم الشأن، أو إلى السامع فلا يكون للتحقيق. وقال ابن الحاجب: ومنهم من زعم أنها في حق الله لتحقيق ما تعلقت به، ويقف عليه في قوله تعالى: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: ٤]. ولم يتذكر ولم يخش، ومنهم من زعم أن معناها في مثل ذلك للتعليل، ويقف عليه في مثل (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى: ١٧]، وإليه الإشارة بقوله: "لعل لا تكون بمعني كي" أي: لا تظنن أن "لعل" بمعنى "كي" على الحقيقة، ومن قال: إنه بمعنى "كي" إنما قال لأنه حين رأي قائلها يستعملها في تحقيق المطلوب وإنجاز الموعود، زعم أنها بمعنى "كي"، وذلك إنما نشأ من المقام، فإن القائل: إما كريم لا يجوز إخلاف إطماعه لكرمه وشمول رحمته، وإما عظيم نطق بها إبداءً لعظمته، وإظهارًا لأبهته، فالرمزة من مثله تقوم مقام مبالغاتٍ شتى من غيره. وما هذا شأنه لا يكون حقيقة.
فإن قلت: قوله "ليست مما ذكرناه في شيءٍ" يقتضي أن لا تكون "لعل" بمعنى "كي"، ومرجع تقريره الذي سيذكره إلى ذلك بدليل قوله: "خلقكم للاستيلاء"، وقوله بعد ذلك "خلقكم لكي تتقوا".
قلت: إن المصنف كان في بيان مجيء "لعل" على الحقيقة، وقال: هي للترجي والإشفاق،