هل فيه دليل على أنّ الأرض مسطحة وليست بكرّية؟ قلت: ليس فيه إلا أن الناس يفترشونها كما يفعلون بالمفارش سواء كانت على شكل السطح أو شكل الكرة، فالافتراش غير مستنكر ولا مدفوع، لعظم حجمها واتساع جرمها وتباعد أطرافها. وإذا كان متسهلا في الجبل وهو وتد من أوتاد الأرض، فهو في الأرض ذات الطول والعرض أسهل. والبناء مصدر سمى به المبنى - بيتا كان أو قبة أو خباء أو طرافا - وأبنية العرب: أخبيتهم، ومنه بنى على امرأته، لأنهم كانوا إذا تزوجوا ضربوا عليها خباء جديدا. فإن قلت: ما معنى إخراج الثمرات بالماء وإنما خرجت بقدرته ومشيئته؟ قلت: المعنى أنه جعل الماء سببا في خروجها ومادّة لها، كماء الفحل في خلق الولد، وهو قادر على أن ينشئ الأجناس كلها بلا أسباب ولا موادّ كما أنشأ نفوس الأسباب والموادّ، ولكن له في إنشاء الأشياء مدرجا لها من حال إلى حال، وناقلا من مرتبة إلى مرتبة حكما ودواعي يجدد فيها لملائكته والنظار بعيون الاستبصار من عباده عبرا وأفكاراً صالحة، وزيادة طمأنينة، وسكون إلى عظيم قدرته وغرائب حكمته،.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بيتا كان أو قبة أو خباء)، الجوهري: واحد الأخبية من وبر أو صوف، لا من شعر، وهو على عمودين أو ثلاثة، وما فوق ذلك، فهو بيت، والطراف: بيت من أدم.
قوله: (ومنه: بنى على امرأته)، النهاية: البناء: الدخول بالزوجة، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأه بنى عليها قبة ليدخل بها فيها.
قوله: (وسكون إلى عظيم قدرته)، الأساس: سكنت إلى فلان: استأنست به، ومالي سكن، أي: من أسكن إليه من امرأه وحميم. والتدرج إلى الشيء العظيم سبب لمؤانسة المرء به، كما أن المبادهة به سبب للاستيحاش، ألا ترى إلى إرشاد إبراهيم قومه إلى التوحيد، كيف