انتصاب، (فأطلع) في قوله عز وجل: (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) [غافر: ٣٦ - ٣٧] في رواية حفص عن عاصم، أى خلقكم لكي تتقوا وتخافوا عقابه فلا تشبهوه بخلقه، أو بالذي جعل لكم، إذا رفعته على الابتداء، أى هو الذي خصكم بهذه الآيات العظيمة والدلائل النيرة الشاهدة بالوحدانية، فلا تتخذوا له شركاء. والند: المثل. ولا يقال إلا للمثل المخالف المناوئ. قال جرير:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: والوجه الأول للمصنف مبنى على أنه منصوب جوابا للأمر، ولذلك علله بقوله: ((لأن أصل العبادة التوحيد، وأن لا يجعل له ند ولا شريك))، وأما على عطف النهي على الأمر، فالآية مثل قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)] النساء: ٣٦ [.
والوجه الثانى في الكتاب على غير ما ذهب إليه القاضي لأنه لم يجعل ((لعل)) على تأويل الشرط، بل جعلها بمعنى ((كي)) على تشبيه الحالة بالحالة في قوله تعالى: (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ)] غافر: ٣٦ [، ثم الاستعارة على سبيل التبعية كما مضى.
والوجه الثالث غير مخالف لقوله: ((وإن زاد فيه لفظة ((هو)) حيث قال: ((هو الذى خلقكم)) لأنه في بيان المعنى لا تقدير الكلام، وفيه إشارة إلى معنى الاختصاص؛ لأنه استئناف بإعادة صفة من استؤنف عنه الحديث))، فكأن سائلا حين سمع قوله: (اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) سأل: ما بالنا نخضه بالعبادة وأن لا نشرك به شيئا؟ فقيل: لأنه هو الذى خصكم بهذه الآيات العظيمة والدلائل النيرة. وفي الوجوه إشارة إلى الإشعار بالعلية؛ لأن الحكم مترتب على الأوصاف.
قوله: (حفكم)، الأساس: حفوا به واحتفوا: أطافوا، وهم حافون به وحففته بالناس: جعلتهم حافين به.
قوله: (المناوئ)، الأساس: نؤتُ بالحمل: نهضت به، وناوأت الرجل: عاديته، ومعناه: ناهضته للعداوة.