واستفظع شأنهم بأن جعلوا أنداداً كثيرة لمن لا يصح أن يكون له ندّ قط. وفي ذلك قال زيد بن عمرو بن نفيل حين فارق دين قومه:

أرَبًّا واحِداً أمْ ألْفُ رَبٍ أدِينُ إذَا تَقَسَّمَتِ الأُمُورُ
وقرأ محمد بن السميقع: فلا تجعلوا للَّه ندا. فإن قلت: ما معنى (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)؟ قلت: معناه: وحالكم وصفتكم أنكم من صحة تمييزكم بين الصحيح والفاسد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنه علم في رأسه نار
قوله: (أربا واحدا) البيت، أدين، أي: أتخذه دينا. تقسمت الأمور، أي تفرقت الأحوال، من قولهم: تقسمهم الدهر فتقسموا: فرفهم فتفرقوا، من ((الصحاح)). أي: إذا تفرقت الأمور وفوض اختيار هذا الأمر إلى أختار ربا واحدا أم ألف رب؟ أي: كيف أترك ربنا واحدا وأختار أربابا متعددة كقوله تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)] يوسف: ٣٩ [وبعده:
تركت اللات والعزى جميعاً كذلك يفعل الرجل البصير
روينا عن البخاري عن ابن عمر كان يحدث عن رسول الله - صل الله عليه وسلم-: ((أنه لقى زيد بن عمرو ابن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على النبي - صل الله عليه وسلم- الوحي، فقدم إليه رسول الله - صل الله عليه وسلم- سفرة فيها لحم، فأبى أن ياكل منها، ثم قال زيد: إنى لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه)).
قوله: (معناه: وحالكم وصفتكم) يريد أن موقع (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) موقع الحال المقررة لجهة الإشكال المتضمنة لمعنى التعجب والتعجيب كقوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ


الصفحة التالية
Icon