سورة من أصغر السور، أو آيات شتى مفتريات. وهذه غاية التبكيت، ومنتهى إزاحة العلل. وقرئ (على عبادنا) يريد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأمته. والسورة: الطائفة من القرآن المترجمة التي أقلها ثلاث آيات. وواوها إن كانت أصلا، فإما أن تسمى بسورة المدينة وهي حائطها، لأنها طائفة من القرآن محدودة محوّزة على حيالها، كالبلد المسوّر، أو لأنها محتوية على فنون من العلم وأجناس من الفوائد، كاحتواء سورة المدينة على ما فيها. وإما أن تسمى بالسورة التي هي الرتبة. قال النابغة:
ولرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍ سُورَةٌ | في المَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بمُطَارِ |
قوله: (وهذه غاية التبكيت) أي: هذه الحجة غاية التبكيت؛ لأنها إفحام للخصم يعنى ما يريد به بطلان الشيء؛ وذلك أنهم كانوا يقولون: لم لم ينزل القرآن جملة واحدة ليكون على خلاف ما نشاهده من الشعراء والخطباء؛ إذا لو كان كلام الله لم يكن على سنن ما يرى عليه الخطابة والشعر؟ فأجيبوا بأن النزول هكذا كما هو دأبكم وعادتكم أسهل لكم أن تأتوا بمثله إذا تحديتم به فلا يشق عليكم معارضته، فلو نزل جملة واحدة وتحديتم بها لصعب عليكم معارضته، فإذا لم تأتوا بأقصر سورةٍ منه فقد دل على حقيقته وبطلان قولكم، فألزموا بعين ما أرادوا بطلانه وهذا قريب من القول بالموجب.
قوله: (ولرهط حراب) البيت. حراب بالراء المهملة، وقد بالدال غير المعجمة.
قوله: (ليس غرابها بمطار) كناية عن كثرة الرهطين ودوام المجد لهما؛ فإن النبات والشجر إذا كثر في موضع قيل: لا يطير غرابه؛ لأن الغراب إذا وقع في المكان الخصيب أصاب فيه