فإن قلت: وما "مثله" حتى يأتوا بسورة من ذلك المثل؟ قلت: معناه فأتوا بسورة مما هو على صفته في البيان الغريب وعلو الطبقة في حسن النظم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: ولهذا جعله المصنف مرجوحا بقوله: لأنهم إذا خوطبوا، وهم الجم الغفير بأن يأتوا بطائفه يسيرة من جنس ما أتى به واحد منهم كان أبلغ في التحدي من أن يقال: ليأت أحد بنحو ما أتى به هذا الواحد.
قوله: (فإن قلت: وما مثله حتى يأتوا بسورة من ذلك المثل) تلخيصه: أنه تعالى تحدى بإتيان مثل المنزل ومثل الرسول، ولا بد أن يكون المطلوب شيئا يتوجه إليه الطلب، فما ذلك الشيء الذى هو نظير هذا المنزل وهذا الرسول حتى يؤتى به؟
واعلم أن الجواب مبنى على قاعدة: وهي أن التشبيه أكثر ما يقع في إلحاق النظير بالنظير والمثيل بالمثيل، وربما لا يراد فيه النظير والمقابل، بل مجرد وصف يشركهما في أمر، وإن شئت فجرب في قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ)] آل عمران: ٥٩ [
قال المصنف: فإن قلت: كيف شبه به وقد ولد بغير أب، وآدم وجد بغير أب وأم؟
قلت: هو مثيله في أحد الطرفين فلا يمنع اختصاصه دونه بالطرف الآخر؛ لأن المماثلة مشاركة في بعض الأوصاف، ولأنه شبه به في أنه وجد وجودا خارجا عن العادة المستمرة، وهما في ذلك نظيران. وما نحن بصدده من قبيل الأول دون الثاني؛ ألا ترى إلى قوله: ((بسورة مما هو على صفته في البيان الغريب)) وقوله: ((ولا قصد إلى مثل ونظير))! فإذن لو قدر أن يكون المأتى به شعرا أو خطبة ويكون المتصف بوصف البلاغة الفائقة والنظم الأنيق استقام وصح. ولو أريد به النظير لأوهم؛ لأن المراد نظيره في كونه مشتملا على علوم الأولين والآخرين، أو نظيره في كونه منزلا من عند الله بليغا فصيحا، أو نظيره؟ في كونه نبيا أميا فصيحا، ومن المثال الذي


الصفحة التالية
Icon