أو فأتوا ممن هو على حاله من كونه بشرا عربياً أو أمياً لم يقرأ الكتب ولم يأخذ من العلماء، ولا قصد إلى مثل ونظير هنالك. ولكنه نحو قول القبعثرى للحجاج - وقد قال له: لأحملنك على الأدهم -: مثل الأمير حمل على الأدهم والأشهب. أراد: من كان على صفة الأمير من السلطان والقدرة وبسطة اليد. ولم يقصد أحدا يجعله مثلا للحجاج. وردّ الضمير إلى المنزل أوجه، لقوله تعالى: (فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) [يونس: ٣٨]. (فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) [هود: ١٣]، (عَلى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ) [الإسراء: ٨٨]، ولأن القرآن جدير بسلامة الترتيب والوقوع على أصح الأساليب، والكلام مع ردّ الضمير إلى المنزل أحسن ترتيباً؛ وذلك أن الحديث في المنزل لا في المنزل عليه، وهو مسوق إليه ومربوط به، فحقه أن لا يفك عنه برد الضمير إلى غيره. ألا ترى أن المعنى: وإن ارتبتم في أنّ القرآن منزل من عند اللَّه. فهاتوا أنتم نبذاً مما يماثله ويجانسه. وقضية الترتيب لو كان الضمير مردوداً إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يقال: وإن ارتبتم في أنّ محمداً مُنزل عليه فهاتوا قرآنا من مثله. ولأنهم إذا خوطبوا جميعاً - وهم الجم الغفير بأن........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعم قدرنا أن يكون المأتى به شعراً أو خطبة أو غير ذلك، وهو المختار لاقتضاء المقام وإرخاء العنان، والله أعلم.
قوله: (أو أمياً) عطف على ((عربياً)) ممن لا كتاب له أصلا كالعرب، أو ممن له كتاب لكنه لم يقرأ ولم يتعلم. قال في قوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ)] آل عمران: ٢٠ [أي: الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب.
قوله: (وهم الجم الغفير)، النهاية: روى جما غفيرا، يقال: جاء القوم جما غفيرا، والجماء الغفير، أي: مجتمعين كثيرين. ويقال: جاؤوا الجم الغفير، وأصل الكلمة من الجموم والجمة، وهو الاجتماع والكثرة.