تُرِيكَ القَذَى مِنْ دُونِهَا وهِىَ دُونَهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في هذا الوجه جائز". وعلى أن يراد بالشهيد الحاضر، ففي الكلام تخصيصٌ بحسب المفهوم؛ لأن الدعاء إذا قُيِّد بمن دون الله يكون غير متناول لله تعالى، ولهذا قال: "فادعوا كل من يشهد لكم واستظهروا به من الجن والإنس إلا الله"، والأمر ُعلى هذا للتعجيز والتحدي مطلقاً ولهذا قال: "وادعوا شهدائكم من دون الله" إلى قوله: "والجن والإنسُ شاهدوكم". ويؤيده قوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: ٨٨] وفي التقسيم وجوهٌ أخر، وللبحث فيه مجال فليتأمل.
واعلم أن التفرقة بين الوجوه توجب التفرقة بين المعاني، فإذا أريد بالشهداء الأصنام كان الأمر بقوله: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ) للتهكم، وإن أريد به الرؤساء، كان الأمر للاستدراج وإرخاء العنان، وإن أريد به الناس العدول، كان لإظهار التبكيت، وإن أريد به الناصر والمستظهر به من دون الله، كان الأمر للتحدي والتعجيز كما سبق تفصيله.
قوله: (تُريك القذى من دونها وهي دونه) قيل تمامه:
إذا ذاقها من ذاقها يتمطق
أي: تريك الزجاجة القذى من قدامها وهي قدام القذى.
الأساس: ودونه خرط القتاد، أي: أمامه. يتمطق، أي: يمص شفتيه من لذاذتها.
وروى ابن حمدون في "التذكرة": أن الوليد بن عبد الملك قال لابن الأقرع أنشدني قولك في الخمر، فأنشده:


الصفحة التالية
Icon