أن يقول: إن القرآن إنما نزل بلسان العرب مصبوبا في أساليبهم واستعمالاتهم، والعرب لم تتجاوز ما سموا به مجموع اسمين، ولم يسم أحد منهم بمجموع ثلاثة أسماء وأربعة وخمسة، والقول بأنها أسماء السور حقيقة: يخرج إلى ما ليس في لغة العرب، ويؤدّى أيضاً إلى صيرورة الاسم والمسمى واحداً، فإن اعترضت عليه بأنه قول مقول على وجه الدهر وأنه لا سبيل إلى ردّه، أجابك بأن له محملا سوى ما يذهب إليه، وأنه نظير قول الناس: فلان يروى: قفا نبك، وعفت الديار. ويقول الرجل لصاحبه: ما قرأت؟ فيقول (الحمد لله) و (براءة من الله ورسوله) [التوبة: ١]، و (يوصيكم الله في أولادكم) [النساء: ١١]، و (الله نور السماوات والأرض) [النور: ٣٥].
وليست هذه الجمل بأسامى هذه القصائد وهذه السور، والآي، وإنما تعنى رواية القصيدة التي ذاك استهلالها، وتلاوة السورة أو الآية التي تلك فاتحتها. فلما جرى الكلام على أسلوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي: هذا الوجه أقرب إلى التحقيق، وأوفق للطائف للتنزيل، وأسلم من لزوم النقل ووقوع الإشتراك في الأعلام من واضع واحد؛ فإنه يعود بالنقص على ما هو مقصود من العلمية.
وقال السجاوندي: والمروي عن الصدر الأول في التهجي أنها أسرار بين الله وبين نبيه صلوات الله عليه. وقد تجرى بين المجرمين كلمات معماة تشير إلى سر بينهما، وتفيد تحريض الحاضرين إلى إستماع ما بعد ذلك. وهذا معنى قول السلف: حروف التهجي إبتلاء لتصديق المؤمن وتكذيب الكافر.