فإن قلت: فما المراد بهذا المجموع مع اللام؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنسية من الجموع، فلا يبعد على هذا أن يكون حقيقة كالمفرد، فقوله: "وزانه في تناول الجمعية في الجنس" معناه ما يعتبر فيه معني الجموع في الجنس، وذلك أن الجنس من حيث هو هو لا متعدد ولا لا متعدد لكن يتحقق مع كل منهما، فتحققه مع المتعدد يكون تارة باعتبار الأفراد وأخرى باعتبار الجموع. والحاصل: أن وزان اللفظ المجموع المحلى باللام في تناوله الجمعية في الجنس وزان المفرد في تناوله الجنسية، فكما يصح أن يطلق المفرد ويراد به جميع ما فيه الجنسية بحسب أفراده، وأن يراد بعض ما فيه الجنسية، كذا يصح أن يطلق الجمع ويراد به جميع ما فيه الجمعية في الجنس وأن يراد بعض ذلك. فإذن لا يدخل في هذا الاعتبار الواحد، إذ الجمعية في جمل الجنس لا في وحدانه، فعلى هذا ينبغي أن يقدر بعد قوله: "صلح أن يراد به جميع الجنس لا إلى الواحد" بقرينة المذكور حتى يصح التعليل بقوله: "لأن وزانه" إلى آخره، وينطبق عليه قول صاحب"المفتاح": الاستغراق في المفرد أشمل منه في الجمع، ويؤيده قول ابن عباس في قوله تعالى: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ) [البقرة: ٢٨٥]: إن كتابه أكثر من كتبه.
قوله: (فما المراد بهذا المجموع) الفاء مسبب عن المقدم ذكره، أي: إذا كانت اللام داخلة على المجموع ويصلح أن يراد جميع الجنس وأن يراد بعضه فما المراد بقوله: "وعملوا الصالحات"؟ إن كان جميع الجنس، فليس ذلك من وسع المكلف، وإن كان البعض فما المخصص، أي: المقيد؟
وأجاب: إن المخصص على حسب حال المؤمن في مواجب التكليف، فمن ليس له مال فلا تجب عليه الزكاة، ومن لم يكن له استطاعة لم يجب عليه الحج، وكذا المسافر والمريض والصبي والمجنون علي هذا.


الصفحة التالية
Icon